للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجرّاح، وهو جالس بيننا، فلم أكره ممّا قال غيرها، كان والله أن أقدّم فيضرب عنقي، لا يقرّبني ذلك من إثم أحبّ إليّ من أن أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر، وكثر اللّغط «١» ، وارتفعت الأصوات، حتّى خفت من الاختلاف، ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقناهم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا، فإمّا أن نبايعهم على ما لا نرضى، وإمّا أن نخالفهم فيقع الفساد، فقلت لأبي بكر: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون، ثمّ بايعته الأنصار، ثمّ كانت بيعة العامّة من الغد «٢» .

وأمّا سيّدنا عليّ رضي الله عنه وسائر بني هاشم فكانوا في وقت البيعة مشغولين بغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكفينه، فوقع في أنفسهم من استبداد أبي بكر وعمر وسائر المهاجرين والأنصار بالأمر عليهم.

وسبق أنّها لم تقع عن رويّة، إنّما بادر إليها عمر خوفا من الوقوع في الفتنة، فلم يسأل أبو بكر منهم البيعة لانعقادها، ولم يبادروا هم إليها.

[طلب فاطمة رضي الله عنها ميراثها من النّبيّ صلى الله عليه وسلم]

ثمّ إنّ فاطمة رضي الله عنها سألت أبا بكر نصيبها ممّا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من (خيبر وفدك) ، وصدقات (المدينة) من أموال بني قينقاع والنّضير وقريظة، فأبى عليها أبو بكر ذلك، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا نورث، ما تركناه صدقة» ، ولكنّي سأعول من كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعوله، وقال: لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله إلّا عملت به، فإنّي أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ.


(١) اللّغط: الصّوت والضّجيج.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (٦٤٤٢) .

<<  <   >  >>