للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أي: بمعجمة مكرّرة-، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها» ، فأدركناها، فأخذناه منها، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين ب (مكّة) ، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له [رسول الله صلى الله عليه وسلم] : «ما حملك على هذا؟» ، فقال: أحببت أن يكون لي عندهم يد. فصدّقه النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعذره/ رضي الله عنه «١» .

[خروج النّبيّ صلى الله عليه وسلم لفتح مكّة ولقاؤه العبّاس في الطّريق]

وخرج صلى الله عليه وسلم لعشر مضين من رمضان، فلمّا بلغ (الجحفة) لقيه عمّه العبّاس مهاجرا بأهله وبيته- وقد كان أسر يوم (بدر) وفادى بنفسه وأسلم، واستأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقيم ب (مكّة) على سقايته، فأذن له- فردّ عمّه معه.

[إسلام أبي سفيان بن الحارث رضي الله عنه]

ولقيه أيضا ابن عمّه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، فأسلم، واعتذر إليه ممّا كان جرى منه، فعذره، وردّه معه.

[اعتذار أبي سفيان بن الحارث عمّا كان منه قبل إسلامه]

وأنشد أبو سفيان شعرا، [من الطّويل] «٢» :


(١) أخرجه البخاريّ، (٢٨٤٥- ٢٩١٥) . ومسلم (٢٤٩٤/ ١٦١) . قلت: قال أبو شهبة- رحمه الله-: لا بدّ من وقفة هنا؛ فما كان حاطب منافقا، ولا ضعيف الإيمان، بتزكية الرّسول له. ولكنّ في النّفس الإنسانيّة جوانب ضعف تطغى عليها في بعض الأحيان، وتهوي بها إلى ما لا ترضاه لنفسها، وكلّ بني آدم خطّاء، وما كان هذا الضّعف الإنسانيّ ليخفى على صاحب القلب الكبير، والقوي الأمين، صاحب الخلق العظيم، فلا تعجب إذا كان الرّسول صدّقه فيما قال، ورحم ضعفه، ونافح عنه، والقوي حقّا هو الّذي يرحم الضّعفاء، والعظيم حقّا هو الّذي يلتمس المعاذير لمن يستزلهم الشّيطان في غفوة من صدق الإيمان ووازع الضّمير. (السّيرة النّبويّة، ج ٢/ ٤٣٨- ٤٣٩) .
(٢) ابن هشام، ج ٣/ ٤٠١.

<<  <   >  >>