فجعل عبد الله بن أبيّ ابن سلول يؤنّب أصحابه- أي: يوبّخهم- ويقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا عنه- أي: لو تركتم الإنفاق على من عنده من المهاجرين لانفضّوا عنه، وتركوه وحيدا محتاجا إليكم- ولكن والله لئن رجعنا إلى (المدينة) ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، إمّا تركوها لنا وإمّا تركناها لهم، في كلام كثير.
[زيد بن أرقم رضي الله عنه يخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بما سمع، وتصديق الوحي له]
وكان زيد بن أرقم رضي الله عنه حاضرا عنده، فشقّ عليه ذلك، فحمل كلامه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فشكاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قومه، فعاتبوه على ذلك، فأنكره وكذّب زيد بن أرقم، وجاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحلف بالله إنّه ما قال شيئا من ذلك، وإنّه يشهد أنّك لرسول الله حقّا، فقبل منه علانيته ووكل سريرته إلى الله تعالى؛ فحزن لذلك زيد بن أرقم حزنا شديدا، وقال له قومه: ما أردت إلّا/ أن كذّبك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذّبك النّاس.
فلمّا ارتحل صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل أردف زيد بن أرقم خلفه، وكان يومئذ فتى، فنزل جبريل الأمين بسورة (المنافقون) فقال
الصّحيح، وإن كانت كما قيل سنة أربع فهي أشدّ. فيظهر أنّ المريسيع كانت سنة خمس في شعبان، لتكون قد وقعت قبل الخندق، لأنّ الخندق كانت في شوّال من سنة خمس أيضا فتكون بعدها، فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع، ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق ومات من جراحته في قريظة. ويؤيّده أيضا أنّ حديث الإفك كان سنة خمس إذ الحديث فيه التّصريح بأنّ القصّة وقعت بعد نزول الحجاب، والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة، فيكون المريسيع بعد ذلك، فيرجّح أنّها سنة خمس. والله أعلم. (انظر الجامع في السّيرة النّبويّة، ج ٢/ ٦٢٥) .