الباب الخامس في اثبات أنّ دينه صلى الله عليه وسلّم ناسخ لكلّ دين، وأنّه خاتم النّبيّين وعموم رسالته إلى النّاس أجمعين وتفضيله على جميع النبيّين والمرسلين
اعلم أنّ إثبات النّبوّة هو الشّطر الثّاني من التّوحيد، فإنّه صلى الله عليه وسلم قال:«مبنى الإيمان على قول: لا إله إلّا الله/، وهو شطر- أي:
نصف- والشّطر الثّاني: محمّد رسول الله» .
وقد ذكرنا نبذا من مبادىء نبوّته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة من المبشّرات، الّتي يتذكّر بها من يخشى، ويتجنّبها الأشقى.
وسنذكر أيضا في الباب السّادس بعد هذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، البالغة مبلغ التّواتر ما يستيقن به الّذين أوتوا الكتاب، ويزداد الّذين آمنوا إيمانا.
ولكنّ التّذكير والتّبشير إنّما هو لمن تقرّر في قلبه التّصديق والإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم.
وأمّا المنكر الجاحد لها: فلا يدحض حجّته ولا يبطل شبهته إلّا البراهين العقليّة القاطعة لحجّته، المبطلة لشبهته.
فنقول وبالله التّوفيق، على سبيل التّمهيد والتّحقيق، في إدراك النّبوّة بطريق الذّوق، ثمّ بيان أصلها، ثمّ إمكانها، ثمّ وجودها، ثمّ صحّتها:
أمّا طريق الذّوق: فاعلم أنّه لا يدرك بالذّوق شيئا من المعرفة