للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتى بها الحجاب الّذي يلي عرش الرّحمن جلّ وعلا، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «من هذا يا جبريل؟» ، قال: والّذي بعثك بالحقّ إنّي لأقرب الخلق مكانا، وإنّ هذا الملك ما رأيته قطّ منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فقال الملك: الله أكبر، الله أكبر، قال: فقيل له من وراء الحجاب:

صدق عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر، ثمّ قال الملك: أشهد أن لا إله إلّا الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا لا إله إلّا أنا، وذكر مثل هذا في بقيّة الأذان إلى آخر الحديث «١» .

فائدة [: في قول القرطبيّ والغزاليّ في الأذان]

قال القرطبيّ: الأذان على قلّة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة.

وقال الغزاليّ: إذا سمعت النّداء فأحضر في قلبك النّداء يوم القيامة، واعلم أنّك إن وجدت قلبك عند هذا النّداء مملوآ بالفرح والاستبشار، مشحونا بالرّغبة إلى المسارعة والابتدار، فاعلم أنّه سيأتيك النّداء بالبشرى، والفوز يوم القضاء «٢» .


(١) أورده الهيثميّ في «مجمع الزّوائد» ، ج ١/ ٣٢٨. قلت: ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» ، ج ٢/ ٧٨: إلى أنّه اختلف في السّنة الّتي فرض فيها الأذان، وأنّه وردت أحاديث تدلّ على أنّ الأذان شرع بمكّة قبل الهجرة، وبيّن أنّه لا يخلو طريق من طرق هذه الأحاديث من مجهول أو متروك، ثمّ رجح أنّ ذلك كان في السّنة الأولى من الهجرة. والحديث الّذي أورده المؤلّف هنا تفرّد به زياد بن المنذر أبو الجارود، وهو من المتهمين بالكذب. ثمّ لو كان قد سمعه النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء لأوشك أن يأمر به بعد الهجرة في الدّعوة إلى الصّلاة.
(٢) إحياء علوم الدّين، ج ١/ ١٥٢.

<<  <   >  >>