للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزاد عمر وبناه على بنيانه في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم باللّبن والجريد، وأعاد عمده خشبا، ثمّ غيّره عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصّة- أي: النّورة، وهي بقاف مفتوحة ومهملة- وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسقفه بالسّاج «١» .

وفي «صحيح البخاريّ» ، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال: لتزخرفنّها كما زخرفت اليهود والنّصارى «٢» .

[إخباره صلى الله عليه وسلم عمّارا بقتله على يد الفئة الباغية]

وفيه عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: كنّا في بناء المسجد نحمل لبنة لبنة، وعمّار لبنتين لبنتين، فرآه النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فنفض التّراب عنه، وهو يقول: «ويح عمّار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النّار» «٣» .

[فضل المسجد النّبويّ]

وفي «الصّحيحين» ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرّسول، والمسجد الأقصى» «٤» .


(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٤٣٥) . القصّة: هي ما يسمّيه أهل الشّام: كلسا، وأهل مصر: جيرا، وأهل الحجاز: جصّا. السّاج: خشب جيد ذو قيمة، يؤتى به من الهند.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (٤٣٤) . قلت: وكان أوّل من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان، ومن يومها والنّاس شرعوا يغالون في بناء المساجد والمبالغة في زخرفتها، حتّى غدا بعضها كالمتاحف، يقصده النّاس للاستمتاع بزخرفته لا للصّلاة والعبادة، وكلّ هذا خارج عن سنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلّم. ولو روعيت البساطة في بناء المساجد وعدم المغالاة في الزّخرفة لكان خيرا وأولى.
(٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٤٣٦) .
(٤) أخرجه البخاريّ، برقم (١١٣٢) ، ومسلم برقم (١٣٩٧/ ٥١١) .

<<  <   >  >>