اعلم أنّ مذهب أهل السّنّة أنّ نصب الإمام واجب على الأمّة، لإجماع الصّحابة رضي الله عنهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على امتناع خلوّ الوقت عن خليفة له وإمام.
وقد قال الصّدّيق رضي الله عنه في خطبته في (سقيفة بني ساعدة) بين المهاجرين والأنصار: (ألا وإنّ محمّدا قد مات، وأنّه لا بدّ لهذا الدّين من إمام يقوم به) . فبادر الكلّ إلى قبول قوله، ولم يقل أحد لا حاجة لي إلى ذلك، بل اتّفقوا عليه، واجتمعوا له، وتركوا لشدّة اهتمامهم به أهمّ الأشياء عندهم؛ وهو تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق، ثمّ لم يزل النّاس بعدهم على ذلك في جميع الأمصار والأعصار.
وأيضا: فإنّ نصب الإمام يتضمّن دفع الضّرر، لأنّ النّاس إذا كان لهم رئيس قاهر انتظمت مصالح دينهم ودنياهم، لأنّ مقاصد الشّرع الشّريف فيما شرع الله ورسوله فيه من الأحكام والحدود، وإظهار شعائر الدّين، إنّما هي مصالح عائدة إلى الخلق، إمّا عاجلا وإمّا آجلا.
ومعلوم أنّ ذلك لا يتمّ إلّا بإمام يرجعون إليه عند اختلافهم، وإلّا لأفضى ذلك إلى الهلاك. ويشهد لذلك ما يثور من الفتن عند موت الأئمّة، بحيث يقطع/ بأنّها لو تمادت لتعطّلت أمور المعاش والمعاد.