للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سكنى النّبيّ صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه]

وفي «الصّحيحين» ، عن عائشة رضي الله عنها أنّه لمّا قدم (المدينة) صلى الله عليه وسلم أقام ب (قباء) عند بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة، وبنى بها مسجد (قباء) ، وهو المسجد الّذي أسّس على التّقوى من أوّل يوم، وأوّل مسجد بني في الإسلام، ثمّ ارتحل من (قباء) يوم الاثنين أيضا، راكبا راحلته، وقد أرخى لها الزّمام، وكان كلّما حاذى دارا من دور الأنصار اعترضوه، وقالوا: هلمّ يا رسول الله إلى القوّة والمنعة، ولزموا بزمام ناقته، فيقول لهم:

«خلّوا سبيلها، فإنّها مأمورة» ، وقد أرخى لها زمامها، وما يحرّكها، وهي تنظر يمينا وشمالا، والناس كنفيها- يعني:

جانبيها- حتّى بركت حيث بركت، على موضع باب مسجده صلى الله عليه وسلم، ثمّ ثارت وهو عليها «١» ، فسارت حتّى بركت على باب أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه، وهو أحد بني النّجّار، ثمّ ثارت وبركت في مبركها الأوّل، وألقت جرانها «٢» بالأرض، وأرزمت «٣» ، فنزل صلى الله عليه وسلم عنها، وقال: «هذا هو المنزل إن شاء الله تعالى» «٤» .

فاحتمل أبو أيّوب الأنصاريّ رحله، وأدخله بيته، فنزل في أخوال جدّه عبد المطّلب بني النّجّار، وكان يحبّ ذلك، فاختار الله له ما كان يختاره، ولم يزل صلى الله عليه وسلم في منزل أبي أيّوب حتّى بنى مسجده ومساكنه، وكانت إقامته عنده شهرا.

قلت: كذا/ في «الصّحيحين» .


(١) ثارت: وثبت من مبركها وتحوّلت عنه. (أنصاريّ) .
(٢) الجران: باطن العنق.
(٣) أرزمت: صوّتت.
(٤) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٦٩٤) .

<<  <   >  >>