للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري» ، قلت: أو ليس كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟، قال: «بلى، فأخبرتك أنّا نأتيه هذا العام؟» ، قلت: لا، قال: «فإنّك آتيه ومطوّف به» ، قال: فأتيت أبا بكر- وكان/ غائبا- فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبيّ الله حقّا؟، قال: بلى، قلت: ألسنا على الحقّ، وعدوّنا على الباطل؟، قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدّنيّة في ديننا إذا؟، قال: أيّها الرّجل، إنّه لرسول الله، وليس يعصي ربّه، وهو ناصره فاستمسك بغرزه- أي: بركابه- فو الله إنّه على الحقّ، قلت:

أوليس كان يحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطّوّف به؟ - أي: وها هو قد صالحهم عشر سنين- قال: بلى، أفأخبرك أنّك تأتيه هذا العام؟

قلت: لا، قال: فإنّك آتيه ومطوّف به «١» .

قال عمر رضي الله عنه: فعملت لذلك أعمالا- أي: من البرّ لتكفّر على جرأتي بالكلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثمّ إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا رجع إلى (المدينة) لحقه رجال مسلمون من قريش فردّهم، فانقلبوا ولحقوا بسيف البحر حتّى اجتمعت منهم عصابة، فجعلوا لا تمرّ بهم عير لقريش إلّا اعترضوها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرّحم لمّا ضمّهم إليه، وأنّ من خرج إليه فهو آمن، فضمّهم.

فائدة [: في أنّ مقام الصّدّيقيّة فوق مقام أهل الإلهام]

قال العلماء: هذا من أوضح الأدلّة على أنّ أهل الإلهام يخطئون ويصيبون، فلا بدّ من عرض ما وقع في قلوبهم من ذلك على الكتاب


(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٢٥٨١- ٢٥٨٢) .

<<  <   >  >>