للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكّة «١» فقال صلى الله عليه وسلم: «فقلت: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا» «٢» .

قلت: وابن عبد كلال هذا هو وإخوته رؤساء أهل (الطّائف) .

فائدة [: في أنّ الاستهزاء والسّبّ أشدّ من الطّعن والضّرب]

قال العلماء: جعل صلى الله عليه وسلم ما ناله من الاستهزاء وشماتة الأعداء أشدّ ممّا لاقاه يوم (أحد) ؛ من قتل حمزة في سبعين من أصحابه، مع ما ناله في نفسه من الجراحة، وما ذاك إلّا أنّ نفس الكريم تتأذّى بالأذى وبالقول والسّبّ أشدّ ممّا تتأذّى به من الطّعن والضّرب.

ولهذا عفا صلى الله عليه وسلم عن كلّ من تعرّض لقتله، وأهدر دم كلّ من تعرّض لشتمه.

ومع ذلك فقد كان صلى الله عليه وسلم صابرا على ما ناله من الأذى في نفسه أو عرضه أو أهله، لعلمه بأنّ الامتحان عنوان الإيمان الّذي يتبيّن به جواهر الرّجال، كما قيل: عند الامتحان يكرم المرء أو يهان. وأنّ أشدّ النّاس بلاء الأنبياء ثمّ الأمثال فالأمثل، زيادة في حسناتهم ورفع درجاتهم.

[قال تعالى] : هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ [سورة آل عمران ٣/ ١٦٣] .

[دخول النّبيّ صلى الله عليه وسلم مكّة في جوار المطعم بن عديّ]

ولمّا بلغ صلى الله عليه وسلم في مرجعه من (الطّائف) (حراء) ، بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره فاعتذر، وقال: (إنّما أنا حليف والحليف لا يجير) ، فبعث إلى سهيل بن عمرو فاعتذر، وقال:


(١) وهما: جبل أبي قبيس، ومقابله: قعيقعان.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٠٥٩) ، ومسلم برقم (١٧٩٥/ ١١١) .

<<  <   >  >>