للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[غزوة الطّائف]

وأمّا غزوة الطّائف: فإنّه صلى الله عليه وسلم توجّه إليها لقتال من شرد إليها من (حنين) ، ومرّ على طريقه بحصن مالك بن عوف النّصريّ السّابق ذكره، قائد هوازن، فهدمه، ثمّ ارتحل، فحاصر أهل (الطّائف) بضعا وعشرين ليلة من شهر شوّال، وقاتلهم قتالا شديدا، فلم يظفر بهم، بعد أن رماهم بالمنجنيق، وحرّق أعنابهم، فلمّا انصرف قيل له: ادع عليهم، فقال: «اللهمّ اهد ثقيفا وائت بهم» «١» .

فهداهم الله بدعوته، فأتوا إلى (المدينة) مسلمين، بعد أن تقدّم قبلهم مالك بن عوف فأسلم، ثمّ رجع إليهم، فدعاهم إلى الله، وأتى بهم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسلمين، ومن شعر مالك بن عوف حين أسلم، [من الكامل] «٢» :

ما إن «٣» رأيت ولا سمعت بمثله ... في النّاس كلّهم كمثل محمّد

أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي ... ومتى تشأ يخبرك عمّا في غد

وإذا الكتيبة عرّدت أنيابها ... بالسّمهريّ وضرب كلّ مهنّد «٤»

فكأنّه ليث على أشباله ... وسط الهباءة خادر في مرصد «٥»

[ارتحال المسلمين]

وفي «صحيحي البخاريّ ومسلم» ، عن عبد الله بن عمر بن


(١) أخرجه التّرمذيّ، برقم (٣٩٤٢) . عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢) ابن هشام، ج ٣/ ٤٩١.
(٣) إن: زائدة للتوكيد، والمعنى: ما رأيت ما رأيت.
(٤) عرّدت أنيابها: قويت واشتدّت. السّمهريّ: الرّمح. المهنّد: السّيف.
(٥) الهباءة: الغبار يثور عن اشتداد الحرب. الخادر: الأسد في عرينه. يصفه بالقوّة، لأنّه حينئذ يكون شديد البأس لخوفه على أشباله. المرصد: المكان الّذي يرقب منه. ويصفه باليقظة والانتباه.

<<  <   >  >>