زين الدّين محمّد بن عبد اللّطيف الشرجي، وعلم الأصول عن الفقيه جمال الدّين محمّد بن أبي بكر الصّائغ، وأخذ عنه التّفسير والحديث والنّحو، وقرأ عليه «شرح البهجة الورديّة» لأبي زرعة. وأخذ أيضا عن السّيّد الشّريف الحسين بن عبد الرّحمن الأهدل. وصحب الشّيخ أبا بكر العيدروس، وأخذ عنه، وانتفع به، وعادت عليه بركته.
ثمّ رحل إلى (الحرمين) سنة أربع وتسعين وثمان مئة، وأدّى النّسكين العظيمين، واجتمع بالحافظ السّخاويّ، وسمع منه، وأخذ عنه علم الحديث والمصطلح.
[مكانته وحياته:]
كان- رحمه الله تعالى- ثقة، صالحا، حافظا للأحاديث والآثار، رجّاعا إلى الحقّ، محبّا لأهل العلم، محسنا إلى طلبته، غاية في الكرم، مؤثرا.
تولّى القضاء (بالشحر) ، فكان قاضيا عادلا تحمد أحكامه. ثمّ عزل نفسه، وقصد (عدن) فحصل له قبول وجاه عند أميرها مرجان العامريّ.
ولمّا توفّي الأمير مرجان سنة سبع وعشرين وتسع مئة قصد (الهند) ، فوفد على سلطانها مظفّر شاه أحمد بن محمود بايقرا (الكجراتي) . فقرّبه السّلطان وأكرمه وعظّمه، وقام به وقدّمه، ووسّع عليه والتفت إليه، وأدناه منه وأخذ عنه، فاشتهر بجاهه. وصنّف للسّلطان كتابنا هذا: «تبصرة الحضرة الشّاهيّة الأحمديّة بسيرة الحضرة النّبويّة الأحمديّة» .
قال السّخاويّ في «الضّوء اللّامع» : وصاهر صاحبنا- أي: بحرق- حمزة النّاشريّ على ابنته وأولدها، وتولّع النّظم أيضا ومدح- السّلطان- عامر بن عبد الوهّاب حين شرع في بناء مدارس (زبيد) والنّظر فيها، فكان من أولها فيما أنشدنيه حين لقيته (بمكّة) ، وأخذ عنّي، وكان قدومه لها ليلة الصّعود، فحجّ حجّة الإسلام وأقام قليلا، ثمّ رجع- كان الله له-.
فمّما قال- مادحا السّلطان عامر بن عبد الوهّاب-:
أبى الله إلّا أن تحوز المفاخرا ... فسمّاك من بين البريّة عامرا
عمرت رسوم الدّين بعد دروسها ... وأحييت آثار الإله الدّواثرا
فأنت صلاح الدّين لا شكّ هذه ... شواهده تبدو عليك ظواهرا
قال- أي: السّخاويّ- وكذا أنشدني ممّا امتدح به المشار إليه بيتا هو عشر كلمات:
يا ربّ كن أبدا معينا ناصرا ... شمس الملوك صلاح دينك عامرا
وضمّنه في أربعة أبيات يستخرج منها الضّمير من العشر فقال: