للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولون لرعاتهم: ويحكم!! اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب، فيسرحون، فتروح أغنامهم جياعا هزلا ما تبضّ بقطرة لبن، وتروح غنمي شبعا لبنا، فلم نزل نتعرّف من الله الزّيادة والبركة حتّى مضت سنتاه، ففصلته عن الرّضاعة.

قالت: وكنت لا أدخل عليه باللّيل إلّا وجدت السّقف قد انفرج، وقد نزل عليه القمر يناغيه- أي: يحدّثه-.

وكان صلى الله عليه وسلم يشبّ شبابا لا يشبّه الغلمان، [فلم يبلغ] سنتيه حتّى كان غلاما جفرا- أي: ممتلئ الجنبين- «١» .

قالت: فقدمنا به على أمّه، ونحن أحرص شيء على مكثه فينا، لما كنّا نتعرّف من بركته، فقلت لأمّه: دعينا نرجع به، فإنّا نخشى عليه وباء (مكّة) ، ولم نزل بها حتّى ردّته معنا. انتهى كلام ابن إسحاق «٢» .

[حادثة شقّ صدره صلى الله عليه وسلم]

قال غيره: وبعد حولين من مرجعها به- أي: في العام الخامس من مولده صلى الله عليه وسلم- أتاه ملكان فشقّا صدره، واستخرجا قلبه فشقّاه، واستخرجا منه علقة سوداء، وقالا: هذا حظّ الشّيطان منك، ثمّ ملآه حكمة وإيمانا، ثمّ لأماه، فالتأم [الشّقّ] بإذن الله تعالى، ثمّ ختماه بخاتم النّبوّة بين كتفيه كالطّابع، ثمّ قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمّته، ففعل فوزنهم/، ثمّ قال: زنه بمئة [من أمّته] ، ففعل فوزنهم، ثمّ قال: زنه بألف [من أمّته] ، ففعل فوزنهم، حتّى قال: والله لو وزنته بأمّته كلّها لوزنهم، ثمّ قبّلا رأسه


(١) استجفر الصّبيّ: إذا قوي على الأكل، وكنز لحمه.
(٢) ابن هشام، ج ١/ ١٦٢- ١٦٤.

<<  <   >  >>