- وكان غدا من منزل عائشة- تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ الآيات [سورة آل عمران ٣/ ١٢١] ، وأقعد الرّماة، وهم خمسون على جبل (عنين) - مصغّرا بمهملة ونون مكرّرة- وقال لهم:«لا تبرحوا مكانكم إن غلبنا أو غلبنا» .
[انتصار المسلمين ودور الرّماة فيه]
وظاهر صلى الله عليه وسلم يومئذ بين درعين «١» ، وحمل هو وأصحابه على المشركين فهزمهم الله تعالى، كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ [سورة آل عمران ٣/ ١٥٢] .
وقتل منهم اثنان وعشرون رجلا.
[الابتلاء بعد النّصر]
فقالت الرّماة: الغنيمة يا قوم، فقد ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فأبى بعضهم فثبت مكانه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تبرحوا مكانكم» ، وخالف الآخرون، فأقبلوا على الغنيمة، كما قال الله تعالى: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا- أي: الغنيمة- وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ، لكن عفا عنهم بقوله: وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران ٣/ ١٥٢] .
فلمّا رأت خيل قريش ظهور المسلمين خالية عن الرّماة، حملوا عليهم، فقتلوا من بقي من الرّماة، وأتوا المسلمين من خلفهم.
[إشاعة مقتل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما لقيه من الأذى]
وصرخ إبليس- لعنه الله تعالى-: ألا إنّ محمّدا قد قتل، فانفضّت صفوف المسلمين، وتراجعت قريش بعد هزيمتها، وخلص العدوّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرموه بالحجارة، حتّى وقع لشقّه، وكسرت رباعيته اليمنى السّفلى، وجرحت شفته/ السّفلى،