للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه أظلم منها كلّ شيء «١» .

وفي ذلك يقول أبو سفيان بن الحارث، ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، [من الوافر] «٢» :

أرقت فبات ليلي لا يزول ... وليل أخي المصيبة فيه طول

وأسعدني البكاء وذاك فيما ... أصيب المسلمون به قليل

لقد عظمت مصيبتنا وجلّت ... عشيّة قيل قد قبض الرّسول

وأضحت أرضنا ممّا عراها ... تكاد بنا جوانبها تميل

فقدنا الوحي والتّنزيل فينا ... يروح به ويغدو جبرئيل

وذاك أحقّ ما سالت عليه ... نفوس النّاس أو كادت تسيل

نبيّ كان يجلو الشّك عنّا ... بما يوحى إليه وما يقول

ويهديناا فما نخشى ضلالا ... علينا والرّسول لنا دليل

أفاطم إن جزعت فذاك عذر ... وإن لم تجزعي ذاك السّبيل

فقبر أبيك سيّد كلّ قبر ... وفيه سيّد النّاس الرّسول

[موقف أبي بكر رضي الله عنه من وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم]

وروى البخاريّ في «صحيحه» ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر رضي الله عنه ب (العالية) ، فقام عمر رضي الله عنه يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وليبعثنّه الله، فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم، فجاء أبو بكر فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبّله، وقال: بأبي أنت وأمّي، طبت حيّا وميتا، والّذي نفسي بيده لا يذيقك الله موتتين، أمّا الموتة الّتي كتبت عليك فقد متّها.

ثمّ خرج إلى النّاس فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: ألا من كان يعبد محمّدا صلى الله عليه وسلم فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ


(١) أخرجه ابن ماجه، برقم (١٦٣١) .
(٢) البداية والنّهاية، ج ٥/ ٢١٤.

<<  <   >  >>