للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى الطّبرانيّ أنّ جبريل أتاه فقال له: (إنّه لن يؤدّيها- أي:

البراءة- إلّا أنت أو رجل منك) «١» .

[حجّة الوداع]

وفي السّنة العاشرة: حجّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع، وسمّيت حجّة الوداع لأنّه صلى الله عليه وسلم ودّع النّاس فيها. وقال: «خذوا عنّي مناسككم، فإنّي لا أدري لعلّي لا أحج بعد عامي هذا» «٢» .

وحجّ صلى الله عليه وسلم بأزواجه كلّهنّ رضي الله عنهنّ، وبخلق كثير من الصّحابة رضي الله عنهم. فحضرها من الصّحابة أربعون ألفا، كلّهم يلتمس أن يأتمّ به صلى الله عليه وسلم، فعلّمهم المناسك، وأبطل شعائر الجاهليّة، وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته: «ألا إنّ كلّ شيء من أمر الجاهليّة موضوع تحت قدميّ هاتين، ودماء الجاهليّة موضوعة، وربا الجاهليّة موضوع، وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن تمسّكتم به: كتاب الله، وأنّكم تسألون عنّي فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت، فقال: «اللهمّ اشهد» ثلاث مرّات.

ونزل علينا قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ/ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [سورة المائدة ٥/ ٣] «٣» .


(١) أخرجه أحمد في «مسنده» ، برقم (١٢٩٩) . عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٢) أخرجه مسلم، برقم (١٢٩٧) . عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٣) قلت: وهنا خطأ مشهور؛ وهو ما يزعمه البعض من أنّ هذه الآية آخر ما نزل من القرآن، والحقّ أنّ آخر آية نزلت، هي: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [سورة البقرة ٢/ ٢٨١] . والمراد بإكمال الدين: إمّا إتمام حجّهم على حسب ما شرع الله، وإذلال الشّرك وأهله، بحيث لم يشاركهم فيه أحد من المشركين، وهو تمام النّعمة عليهم. وإمّا إكمال الحلال والحرام.

<<  <   >  >>