للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك أنزل الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم مذكّرا له بنعمته عليه وعلى قومه، لأنّه كان يومئذ حملا «١» ، وولد بعد الفيل بخمسين ليلة:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ- أي: إبطال- وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ- أي: عصبا عصبا- تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ- أي: من قعر جهنّم، وهو أيضا سجّين- فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ- أي: كزرع أكلته البهائم-[سورة الفيل] .

ومن يومئذ احترمت النّاس قريشا، وقالوا: هم جيران الله، يدافع عنهم.

[خبر هاشم:]

وأمّا هاشم: فاسمه عمرو، وإنّما سمّي هاشما لكثرة إطعامه الثّريد في المجاعة، وفيه يقول الشّاعر، [من الكامل] «٢» :

عمرو الّذي هشم الثّريد لقومه ... ورجال مكّة مسنتون عجاف «٣»

وبلغ في الكرم مبلغا عظيما حتّى إنّه كان يطعم الوحش والطّير، فينحر لها في رؤوس الجبال، وكان إذا وقع القحط جمع أهل (مكّة) وأمر الموسرين منهم/ بالإنفاق على فقرائهم، حتّى يأتي الله بالغيث.

ثمّ إنّه وفد (الشّام) على قيصر فأخذ منه كتابا بالأمان لقريش، وأرسل أخاه المطّلب إلى (اليمن) ، فأخذ من ملوكهم كتابا أيضا، ثمّ أمر تجّار قريش برحلتي الشّتاء والصّيف، فكانوا يرحلون في


(١) أي عندما كان حملا في بطن أمّه.
(٢) من قول عبد الله بن الزبعرى.
(٣) المسنتون: الّذين أصابتهم السّنة، وهي الجوع والقحط. العجاف: الضّعف والهزال. (ابن هشام، ج ١/ ١٣٦) .

<<  <   >  >>