للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خروج النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الطّائف]

وفي هذه السّنة وهي العاشرة: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى (الطّائف) ، إلى ثقيف، وأقام فيهم شهرا يدعوهم إلى الله، وسألهم أن يمنعوه، فردّوا عليه قوله، واستهزؤوا به، فسألهم أن يكتموا عنه لئلّا تشمت به/ قريش، فلم يفعلوا.

فلمّا انصرف عنهم أغروا به سفهاءهم يصيحون خلفه ويسبّونه، حتّى اجتمعوا عليه، وألجؤوه إلى حائط «١» ، فاشتدّ كربه لذلك صلى الله عليه وسلم ودعا حينئذ بدعاء الكرب: «لا إله إلّا الله العظيم الحليم، لا إله إلّا الله ربّ العرش العظيم، لا إله إلّا الله ربّ السّماوات وربّ الأرض، ربّ العرش الكريم» ، ثمّ قال:

«اللهمّ إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي، وهواني على النّاس يا أرحم الرّاحمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهّمني «٢» ، أم إلى عدوّ ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولكنّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة [من] أن تنزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى «٣» حتّى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلّا بك» .

فنزل عليه جبريل عليه السّلام، وقال: إنّ الله قد سمع قولك وسمع قولهم، وما ردّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال، لتأمره فيهم بما شئت، فقال: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم


(١) الحائط: البستان.
(٢) يتجهّمني: يلقاني بالغلظة والوجه الكريه.
(٣) العتبى: الاسترضاء بالرّجوع عن الذّنب والإساءة.

<<  <   >  >>