للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ورد في بعض الأخبار- كما ورد في حديث الشّفاعة- من قوله: «غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر» ، محمول على غفران أوّل ذنبه وآخره، لقوله: «ما قدّمت وما أخّرت، وأوّله وآخره» .

والله أعلم.

[سبب غزوة بدر]

قال اهل السّير: وسببها أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان بن حرب في عير لقريش أقبلت من (الشّام) ، فجعل العيون عليها «١» ، فلمّا جاءه عينه خرج بمن خفّ معه من المسلمين، ولم يكن يظنّ أنّه يلقى عدوّا، وكان أبو سفيان يتحسّس الأخبار خوفا من النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فجاءه الخبر بمخرجه، فبعث إلى قريش يستنفرهم، فأوعبت «٢» قريش في الخروج، وخرجت سائر بطونها.

[استشارة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بعد نجاة العير]

فلمّا كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم ببعض الطّريق، بلغه نفر قريش، فاستشار أصحابه في طلب العير أو قتال النّفير، وقال: «إنّ الله وعدني إحدى الطّائفتين» «٣» .

وكانت العير أحبّ إليهم، كما قال الله تعالى: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ- أي:

السّلاح، وهي العير- تَكُونُ لَكُمْ [سورة الأنفال ٨/ ٧] .

فتكلّم أبو بكر فأعرض عنه، فتكلّم عمر فأعرض عنه، وهو في كلّ ذلك يقول: «أشيروا عليّ» ، فعلموا أنّه إنّما يريد/ الأنصار لأنّه لم يكن بايعهم على القتال، إنّما بايعهم على أن يمنعوه ممّا


(١) قلت: بعث رسول الله بسبس بن الجهنيّ وعديّ بن أبي الزّغباء الجهنيّ يتحسّسان له الأخبار.
(٢) أوعبت: خرجت كلّها إلى الغزو.
(٣) أخرجه البيهقيّ في «الدّلائل» ، ج ٣/ ٣٣.

<<  <   >  >>