للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتى الجيش، فقال أهل الإفك ما قالوا، وكان الّذي تولّى كبر «١» ذلك عبد الله بن أبيّ.

[مرض عائشة رضي الله عنها وإخبار أمّ مسطح لها بالأمر]

/ فقدمنا (المدينة) ، فاشتكيت بها شهرا، والنّاس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا علم لي بذلك حتّى نقهت- أي: شفيت- فخرجت ليلة أنا وأمّ مسطح للبراز- بفتح الموحّدة، أي: المكان البارز- وذلك قبل أن نتّخذ الكنف «٢» ، فعثرت أمّ مسطح في مرطها «٣» ، فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت لرجل شهد (بدرا) ، قالت: ألم تسمعي ما قال؟ - وكان ممّن خاض في حديث الإفك- فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا على مرضي، فلمّا رجعت إلى بيتي، دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّم- وقد رابني منه أنّي لا أرى منه اللّطف- أي: بالتّحريك- الّذي كنت أراه منه حين أشتكي، إنّما يدخل ويسلّم ويسأل عنّي، ثمّ ينصرف، فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويّ؟، وأنا أريد أن أستيقن الخبر، فأذن لي.

[مواساة أمّ رومان لابنتها رضي الله عنهما]

فأتيت أبويّ فقلت لأمّي: يا أمّاه، ماذا يتحدّث النّاس به؟

فقالت: يا بنيّة، هوّني على نفسك الأمر، فقلّما حظيت امرأة عند زوجها إلّا حسدت، فقلت: سبحان الله أو لقد تحدّث النّاس بهذا؟

فبكيت تلك اللّيلة، لا يرقأ «٤» لي دمع، ولا أكتحل بنوم.

[استشارة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه بشأن عائشة رضي الله عنها]

فلمّا أصبح النّبيّ صلى الله عليه وسلم استشار عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد في فراقي.


(١) تولّى كبره: معظّمه.
(٢) الكنف: الخلاء. كأنّه كنف في أستر النّواحي.
(٣) المرط: كساء من صوف.
(٤) يرقأ الدّمع: يسكن ويجفّ وينقطع جريانه.

<<  <   >  >>