أكرم على الله من محمّد صلى الله عليه وسلم، فركبها حتّى أتى بها الحجاب الّذي يلي عرش الرّحمن. فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«من هذا يا جبريل؟» ، قال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّا إنّي لأقرب الخلق مكانا، وإنّ هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فأذّن الملك وأقام، وأخذ بيد محمّد صلى الله عليه وسلم فقدّمه فصلّى بأهل السّماء، وفيهم أرواح الأنبياء- عليهم السّلام- ثمّ قال محمّد:«يا ربّ، إنّك اتّخذت إبراهيم خليلا. وكلّمت موسى تكليما. وآتيت داود الملك والحكمة، وألنت له الحديد، وسخّرت له الجبال يسبّحن معه والطّير. ووهبت سليمان/ ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وسخّرت له الرّيح تجري بأمره رخاء- أي: ليّنة- حيث أصاب- أي: قصد- والشّياطين كلّ بناء وغوّاص، وآخرين مقرّنين في الأصفاد- أي: القيود- وعلّمت عيسى التّوراة والإنجيل، وأعذته وأمّه من الشّيطان الرّجيم، وجعلته يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك» ، فقال الله تعالى:
يا محمّد؛ قد اتّخذتك خليلا وحبيبا، فهو مكتوب في التّوراة أنّ محمّدا حبيب الرّحمن، وأرسلتك إلى النّاس كافّة، وجعلت أمّتك هم الأوّلون وهم الآخرون بعثا، والسّابقون يوم القيامة، وجعلت أمّتك لا تجوز لهم خطبة حتّى يشهدوا أنّك عبدي ورسولي، وجعلتك فاتحا وخاتما، وأعطيتك السّبع المثاني- أي: الفاتحة- وخواتيم سورة البقرة من كنز تحت عرشي، ولم أعط ذلك أحدا من خلقي» «١» .
(١) أورده الهيثميّ في «مجمع الزّوائد» ، ج ١/ ٧١- ٧٢. عن أبي هريرة رضي الله عنه.