للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلمّا سمعا ذلك رضيا طاعة لله ولرسوله، فأنكحها النّبيّ صلى الله عليه وسلم زيدا، فمكثت عنده ما شاء الله.

ثمّ رآها النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوما متزيّنة فأعجبته، ورغب في نكاحها لو طلّقها زيد، فأوقع الله كراهيّتها في قلب زيد، فجاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يستأمره في فراقها، فقال له: «أمسك عليك زوجك واتّق الله» - أي: في طلاقها من غير سبب- فأبى إلّا طلاقها وطلّقها «١» .

وفي «صحيح مسلم» ، أنّها لمّا انقضت عدّتها بعثه النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليها ليخطبها له، قال زيد «٢» : فلمّا جئتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها إجلالا للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، فولّيتها ظهري، وقلت: يا زينب، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك يذكرك، فقالت:

ما أنا بصانعة شيئا حتّى أوامر ربّي «٣» ، فقامت إلى مسجدها- تصلّي الاستخارة «٤» - فنزل القرآن بقوله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ- أي: بالإسلام- وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ- أي: بالعتق- أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ- أي: مظهره، لأنّه سبق في علمه أنّها ستكون لك- وَتَخْشَى


(١) قلت: ورويت هذه الروايات في بعض كتب التّفسير والقصص الّتي لا تعنى بالنّقد والتّمييز بين الرّوايات، وهي رواية باطلة عقلا ونقلا. وانظر التّعليق الآتي.
(٢) قلت: قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ، ج ٨/ ٥٢٤: (وهذا أيضا من أبلغ ما وقع في ذلك، وهو أن يكون الّذي كان زوجها هو الخاطب، لئلا يظنّ أحد أنّ ذلك وقع قهرا بغير رضاه، وفيه أيضا اختبار ما كان عنده منها هل بقي منه شيء أم لا) .
(٣) آمره في أمره، ووامره واستأمره: شاوره.
(٤) قلت: لعلّها استخارت لخوفها من تقصير في حقّه.

<<  <   >  >>