طلّقها زيد. روى ذلك جمع من المفسّرين بأسانيد قويّة «١» .
وفي «البخاريّ» من حديث ثابت البنانيّ عن أنس بن مالك أنّ هذه الآية: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [سورة الأحزاب ٣٣/ ٣٧] نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة ولم يزد. وسبق أنّ الّذي أخفاه هو ما أعلمه الله من أنّها ستكون زوجته. وقال له: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ استصحابا للحال إلى أن يبلغ الكتاب أجله.
وليس في استحسانه لها، ورغبته في نكاحها لو طلّقها زيد قدح في منصبه الجليل حتّى يوجب الطّعن في الرّوايات الثّابتة المنقولة في هذه القصّة، بل قد جعلها العلماء من أصحابنا أصلا، استدلّوا به
(١) قلت: وفي هذه الأسانيد القويّة!! عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، متّهم بالكذب والتّحديث بالغرائب ورواية الموضوعات. وقد تنبّه لبطلانها وزيفها جمع من المحدّثين الرّاسخين. قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ، ج ٨/ ٤٢٥: ورويت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطّبري، ونقلها كثير من المفسّرين، لا ينبغي التّشاغل بها. وقال ابن كثير في «تفسيره» ، ج ٥/ ٥٦٠: ذكر ابن أبي حاتم وابن جرير هنا آثارا عن بعض السّلف أحببنا أن نضرب عنها صفحا لعدم صحّتها فلا نوردها. وهذا القول لا يليق بمقام النّبوّة، ولا يليق به صلى الله عليه وسلم من مدّ عينيه لما نهي عنه من زهرة الحياة الدّنيا، وهذا لا يتّسم به النّاس، فكيف سيد الأنبياء؟!! ومن أقوى ما يردّ بها على ما لا يليق بمقام النّبوّة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف زينب من صغرها إلى أن تزوّجها؛ فلو كانت المسألة فيها شيء من الرّغبة الجنسيّة لتزوّجها هو. وإنّما الواقع الحقيقي هو أنّه إبطال لزواج المتبنّي بزوجة من يتبنّاه، وقوله تعالى: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ أي: تخفي في نفسك ما سيقع من الضّجّة والاعتراض عليك بعد أن تتزوّج زوجة ابنك الّذي تتبنّاه.