للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حربه وحربكم يكون سجالا ودولا، يدال عليكم المرّة، وتدالون عليه الآخرى، وكذلك الرّسل تبتلى، ثمّ تكون لها العاقبة.

وسألتك: بماذا يأمركم؛ فزعمت أنّه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عمّا كان يعبد أباؤكم، ويأمركم بالصّلاة والصّدقة والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، وهذه صفة نبيّ.

وقد كنت أعلم أنّه خارج، ولكن لم أظنّ أنّه منكم، وإن يك ما قلت حقّا فيوشك أن يملك موضع قدميّ هاتين، ولو أرجو أنّي أخلص إليه لتكلّفت لقيّه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه.

ثمّ دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمّد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الرّوم، سلام على من اتّبع الهدى، أمّا بعد: فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين، فإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيّين- أي: الرّعايا-: ويا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران ٣/ ٦٤] .

قال أبو سفيان: فلمّا انقضت مقالته، علت أصوات الّذين حوله من عظاماء الرّوم، وكثر لغطهم، فلا أدري ماذا قالوا، وأمر بنا فأخرجنا.

قال أبو سفيان: والله، ما زلت ذليلا مستيقنا أنّ/ أمره سيظهر، حتّى أدخل الله الإسلام في قلبي وأنا كاره «١» .


(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٢٧٨٢) . ومسلم (١٧٧٣/ ٧٤) .

<<  <   >  >>