للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها-[أي: السّنة الثامنة]- في رمضان: كان فتح (مكّة) .

وسبب انتقاض الصّلح: أنّ قريشا أعانت حلفاءهم (بني بكر) على (خزاعة) حلفاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقدم أبو سفيان (المدينة) يطلب من النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلحا، فلم يجبه إليه، فرجع، وقدم عمرو بن سالم الخزاعي الكعبيّ يستنصر النّبيّ صلى الله عليه وسلم على قريش، فأجابه إلى ذلك، وتجهّز النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى (مكّة) في عشرة آلاف، فلمّا بلغ (الجحفة) «١» - بجيم مضمومة ثمّ حاء مهملة ساكنة- على ثلاث مراحل من (المدينة) لقيه عمّه العبّاس رضي الله عنه مهاجرا بأهله، فردّه معه، وكان قد أسلم بعد (بدر) ، واستأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في أن يقيم ب (مكّة) على سقاية الحاجّ، فأذن له. ولقيه أيضا ابن عمّه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب قد أقبل مسلما، معتذرا ممّا كان جرى منه، فردّه معه. وأخذ الله العيون على قريش بدعوته صلى الله عليه وسلم «٢» ، فلم يشعر أحد بخروجه صلى الله عليه وسلم إليهم.

فلمّا بلغ (مرّ الظّهران) أدركت العبّاس الرّقّة على قومه، فركب بغلة النّبيّ صلى الله عليه وسلم بإذنه ليخبرهم أن يأخذوا أمانا منه صلى الله عليه وسلم، فلقي أبا سفيان بن حرب في نفر من قريش/ خرجوا يتطلّعون، وذلك في اللّيل، فردّهم إلى (مكّة) ، وأتى بأبي سفيان إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثمّ أصبح صلى الله عليه وسلم فدخل (مكّة) ضحى من أعلاها، وذلك لعشر بقين من رمضان، وأقام بها ثمانية عشر يوما يقصر الصّلاة.


(١) الجحفة: وهو واد يبتدىء من شرق رابغ من ناحية الجبال، ويصبّ جنوب رابغ في البحر، ببعد ثلاث ساعات. وهو ميقات حجّاج (مصر والشّام) ؛ إن لم يمرّوا على (المدينة) ، وكانت الجحفة قرية تاريخيّة، وهي الآن خربة، وبها آثار القرية المعمورة، وأطلال قصر أثريّ مبنيّ بالحجارة السوداء؛ اسمه (قصر العلياء) .
(٢) ودعاؤه صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ خذ العيون والأخبار عن قريش» .

<<  <   >  >>