للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمّ رجع إلى (المدينة) فدخلها في آخر ذي القعدة، فولد له صلى الله عليه وسلم في ذي الحجّة إبراهيم، وعاش ثلاثة أشهر ثمّ مات، وانكسفت الشّمس يوم موته، وذلك وقت الضّحى في أوّل ربيع من سنة/ [تسع] «١» ، فقال النّاس: انكسفت الشّمس لموت إبراهيم، فجمع [صلى الله عليه وسلم] النّاس وصلّى بهم صلاة الكسوف، ثمّ خطب بهم فقال: «إنّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته» «٢» .

وفي السّنة التّاسعة: دخل النّاس في دين الله أفواجا، كما أخبر الله تعالى بذلك، وجعله علما على وفاته صلى الله عليه وسلم.

ووفدت عليه الوفود؛ فمنهم: وفد (بني حنيفة) ، في جمع كثير، عليهم: مسيلمة الكذّاب، وأبى أن يسلم إلّا أن يجعل له النّبيّ صلى الله عليه وسلم الأمر من بعده، ورجع خائبا.

ومنهم: وفد (نجران) ، وكانوا نصارى، فحاجّوه في عيسى عليه الصّلاة والسّلام أنّه ابن الله لكونه خلقه من غير أب، فنزلت:

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ [سورة آل عمران ٣/ ٥٩]- أي: من غير أمّ ولا أب-.

ونزلت آية المباهلة- أي: الملاعنة-: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ الآية [سورة آل عمران ٣/ ٦١] ، فقال لهم رئيساهم- السّيّد «٣» والعاقب «٤» -: لاتفعلوا،


(١) والراجح أنّها سنة عشر. انظر تعليقنا ص ٣٦٤.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (١٠٠١) . عن أبي بكرة رضي الله عنه.
(٣) السّيّد: رئيسهم ومفتيهم، واسمه: الأيهم.
(٤) العاقب: أمير القوم. واسمه: عبد المسيح.

<<  <   >  >>