للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله في عرجة الوادي حتى يرى قوة جيش المسلمين وسارت أمامه الكتائب حتى مَرّ به سعد بن عبادة فقال: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا، فاشتكى أبو سفيان للرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: بل اليوم تعظم الكعبة، اليوم أعز الله قريشًا، وعزل سعدًا وولى ابنه قيس (١). وقال أبو سفيان للعباس: لقد عظم ملك ابن أخيك اليوم، فقال العباس: إِنها النبوة. قال: نعم.

وأعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - سفيان فضلا وشرفًا حيث قال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل داره وأغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن (٢).

وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجيش إِلى كتائب: منها كتيبة عليها الزبير وأمرها أن تدخل مكة من كَداء (الحجون). وكتيبة يقودها خالد بن الوليد وأمرها أن تدخل مكة من أسفلها من كُدَى (جبل الكعبة). وقد جمع بعض زعماء مكة قوة صغيرة عليها عكرمة، وصفوان، وسهيل، عند جبل خندمه، ومعهم شاب يقال له حماس بن قيس، رأته امرأته يصلح سلاحه فقالت: لمن تفعل هذا؟ قال: لمحمد وأصحابه. قالت: والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شيء. قال: إِني والله أرى أني سأخدمك بعض أصحابه، فخرج وبعد وقت ليس بالطويل عاد وَجِلًا خائفا، وأغلق الباب، وقال لامرأته: أحكمي غلق الباب. قالت: أين الخدم؟ فقال:

إِنك لو شهدت يوم الحندمه ... إِذ فر صفوان وفر عكرمة

وأبو يزيد قائم كالمؤتمه ... واستقبلتهم بالسيوف المسلمه

يقطعن كل ساعد وجمجمه ... ضربًا فلا يُسمع إِلا غمغمه

لهم نهيت خلفنا وهمهمه ... لم تنطقي باللوم أدنى كلمة (٣)


(١) ابن القيم، زاد المعاد ٢/ ٤٠٢.
(٢) ابن هشام المصدر نفسه ٢/ ٤٠٥.
(٣) ابن هشام المصدر نفسه ٢/ ٤٠٨، والصالحين، سبل الهدى ٥/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>