للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أذاخر (ريع ذاخر) ورأى السيوف تلمع فقال: ما هذا ألم أنه عن القتال؟ فقالوا: يا رسول الله، خالد بن الوليد قوتل ولو لم يُقَاتل ما قَاتَل، وما كان يا رسول الله ليعصيك، ولا ليخالف أمرك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قضاء خير. ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - مكة ومن تواضعه وشكره لله على نعمته أن فتح الله عليه البلد الحرام، كانت لحيته تكاد تمس رحله.

وسار حتى وصل البيت الحرام وفي يده قوس فصار كلما مر بصنم أشار إِليه وطعنه في عينيه؛ والأصنام تتساقط وهي ثلاثمائة وستون صنمًا وهو يقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (١). ثم دخل دار أم هانيء بنت أبي طالب فقدمت له كسر خبز يابس فكسرهن بالماء والخل، وصلى في دارها ثماني ركعات (٢). قال بعض العلماء إِنها صلاة الشكر وقد فعلها سعد بن أبي وقاص يوم دخل المدائن، وقال بعضهم بل هي صلاة الضحى.

وكان قد أمر برجال ونساء أن يقتلوا أينما وجدوا، منهم:

عبد الله بن خطل، وجد متعلقا بأستار الكعبة فَقُتِل وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية وقد فَرّا بعد الهزيمة جهة اليمن كل على حده، فأسلمت أم حكيم امرأة عكرمة، وطلبت الآمان لزوجها، فوهبه لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلحقت به حتى أعادته إِلى مكة، واستقبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصى أصحابه قائلا: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه فإِن سب الميت يؤذي الحي، ولا يبلغ الميت (٣). ولما أقبل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: مرحبا بالراكب المهاجر.


(١) سورة الإِسراء: ٨١.
(٢) صلاته ثابتة في صحيح البخاري ح رقم ٤٢٩٢.
(٣) الصالحي، سبل الهدى ٥/ ٢٥٣.

<<  <   >  >>