للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فابن القيم مع تشديده النكير على المجيزين للحيل إلا أنه أجاز الحيلة في المثالين السابقين، ولا يوجد تأويل له إلا أنه رأى في الحيلة تحقيق مصلحة مقصودة للشارع أعظم من مفسدة الحيلة.

فعلى هذا فالأصل في الحيل المنع والبطلان، وإبطالها ليس إبطالًا لكل الحيل، فلا "يمكن إقامة دليل في الشريعة على إبطال كل حيلة، كما أنه لا يقوم دليل على تصحيح كل حيلة؛ فإنما يبطل منها ما كان مضادًا لقصد الشارع خاصة" (١)، فمتى كان في الحيلة تحقيق مصلحة أكبر من مفسدة الحيلة فتجوز في هذه الحالة تغليبًا لجانب المصلحة، وتحقيقًا لمقصد الشارع.

[المطلب الرابع: ضوابط المخارج الشرعية]

لابد للحيل الجائزة أو المخارج الشرعية من ضوابط تضبطها حتى تؤدي دورها، وحتى لا يقع المسلم في الحيل المحرمة، وهذه الضوابط هي:

١ - أن تكون الحيلة متوافقة مع مقصد الشارع، وفيها تحقيق مصلحة شهد الشرع باعتبارها، وألا تهدم أصلًا شرعيًا، قال الشاطبي: "فإن فرضنا أن الحيلة لا تهدم أصلًا شرعيًا، ولا تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها؛ فغير داخلة في النهي" (٢).

٢ - أن يكون النظر في تقرير مصالح الحيل وموافقتها لمقصود الشارع للعلماء الشرعيين؛ "ليكون الناظر متكيفًا بأخلاق الشريعة، فينبو عقله وطبعه عما يخالفها" (٣)، ولا


(١) الموافقات، للشاطبي ٣/ ٣٣.
(٢) المرجع السابق ٣/ ١٢٤.
(٣) نفائس الأصول في شرح المحصول، للقرافي ٩/ ٤٠٩٢.

<<  <   >  >>