للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشقة، قال الشاطبي: "إن سبب الرخصة المشقة" (١)، فالمشقة هي سبب الرخصة، وهي إما أن تصل إلى درجة الضرورة، أو لا تصل إليها فتكون حاجية، قال الطوفي: "قد يكون سبب الرخصة اختياريًا؛ كالسفر، واضطراريًا؛ كالاغتصاص باللقمة المبيح لشرب الخمر" (٢).

وعلى ذلك يمكن تقسيم أسباب الرخصة إلى قسمين رئيسين:

القسم الأول: الضرورة؛ ويدخل فيه النطق بكلمة الكفر لمن أكره على ذلك، والمريض إذا كان المرض يؤدي به إلى الهلاك إن لم يترخص، وشرب الخمر لمن غص باللقمة ولم يكن عنده إلا الخمر (٣)، وكل مشقة تؤدي إلى الهلاك إن لم يترخص تدخل تحت هذا القسم.

القسم الثاني: الحاجة؛ ويدخل فيه السفر، والنسيان، والجهل، والخطأ، والنقص، وعموم البلوى، ومن كان مرضه لا يؤدي به إلى الهلاك إذا لم يترخص، فكل هذه الأسباب يقع على الناس مشقة لو لم يرخص لهم بها، وهذه المشقة لا تصل بهم إلى درجة الهلاك والضرورة، وكل ما يؤدي إلى مشقة وحرج ولا يصل إلى درجة الضرورة يدخل تحت هذا القسم.

[المطلب الرابع: أدلة الرخص الشرعية]

للرخص الشرعية أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، منها:

الدليل الأول: الآيات الكثيرة التي تدل على التيسير، والتخفيف، ورفع الحرج عن الأمة؛ كقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٤).

وقوله: {يُرِيدُ


(١) الموافقات، للشاطبي ١/ ٤٨٤.
(٢) شرح مختصر الروضة، للطوفي ١/ ٤٦٦.
(٣) انظر: شرح تنقيح الفصول، للقرافي، ص ٨٥.
(٤) سورة البقرة، الآية ١٨٥.

<<  <   >  >>