للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيننا وبينهم لفظي؛ فإن تفسير الاستحسان بما يشنع عليهم لا يقولون به، والذي يقولون به إنه العدول في الحكم من دليل إلى دليل هو أقوى منه، فهذا مما لم ينكره، لكن هذا الاسم لا نعرفه اسمًا لما يقال به بمثل هذا الدليل، وقريب منه قول القفال (١) " (٢).

وعند النظر في أنواع الاستحسان يتبين أن الاستحسان لا يعد دليلًا قائمًا بذاته (٣)، فالاستحسان بالنص دليله النص، والاستحسان بالإجماع دليله الإجماع، وكذلك الاستحسان بالقياس، والعرف، والمصلحة، والضرورة، فإن الذي يقول به إنما يقول بهذه الأدلة (٤).

فمن أراد أن يستحسن فلا يكتف به، بل لابد أن يذكر الدليل الذي بنى عليه استحسانه.

[المطلب الرابع: العلاقة بين الاستحسان والرخص الشرعية]

يتفق الاستحسان مع الرخص الشرعية في أن كلًا منهما استثناء من حكم أصلي، إلا أن الاستحسان أعم من الرخص الشرعية؛ فالرخصة الشرعية خاصة بأن يكون الحكم المستثنى أخف وأيسر من الحكم الأصلي له، أما الاستحسان فلا يشترط له ذلك، فقد يكون الحكم المستثنى أيسر من حكم نظائره وهو الغالب، كجواز الاستصناع، وقد يكون


(١) هو محمد بن علي الشاشي القفال، أبو بكر، ولد عام ٢٩١ هـ، من أكابر علماء الشافعية في عصره، وعنه انتشر مذهب الشافعي في بلاده، من تصانيفه: " شرح رسالة الشافعي"، و"أصول الفقه". توفي عام ٣٦٥ هـ. انظر: طبقات الشافعية، للسبكي ٣/ ٢٠٠، طبقات الشافعيين، لابن كثير، ص ٢٩٩.
(٢) البحر المحيط، للزركشي ٨/ ٩٩.
(٣) انظر: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، ليعقوب الباحسين، ص ٣٣٣.
(٤) انظر: الواضح في أصول الفقه، للأشقر، ص ١٤٥.

<<  <   >  >>