للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من غير دليل" (١). فالشافعي"إنما أنكر استحسانًا بلا دليل" (٢)، وقد نقل الزركشي قريبًا من عشرين مسألة فقهية قال بها الشافعي وأصحابه بالاستحسان؛ مما يبين أن ما استنكروه من الاستحسان هو ما كان من غير دليل (٣).

والاستحسان دون دليل ينكره القائلون بالاستحسان (٤)، وحتى أصحاب أبي حنيفة ينكرون ما يُنسب له من أن الاستحسان ما استحسنه الإنسان من غير دليل (٥).

أما الاستحسان على المعنى المختار، وهو: العدول في مسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها إلى خلافه بوجه هو أقوى، فقد اتفق العلماء على قبوله (٦)، وإنما الخلاف في تسميته استحسانًا (٧)، قال الغزالي بعدما ذكر هذا التعريف للاستحسان: "وهذا مما لا ينكر، وإنما يرجع الاستنكار إلى اللفظ وتخصيص هذا النوع من الدليل بتسميته استحسانًا من بين سائر الأدلة" (٨). فالخلاف إذًا لفظي، قال الزركشي: " نبه ابن السمعاني (٩) على أن الخلاف


(١) التبصرة في أصول الفقه، للشيرازي، ص ٤٩٢.
(٢) التحبير شرح التحرير، للمرداوي ٨/ ٣٨٢٢.
(٣) انظر: البحر المحيط، للزركشي ٨/ ١٠٦ - ١٠٩، الواضح في أصول الفقه، للأشقر، ص ١٤٥.
(٤) انظر: أصول السرخسي ٢/ ٢٠١، الموافقات، للشاطبي ٥/ ١٩٤، روضة الناظر، لابن قدامة ١/ ٤٧٣.
(٥) انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، للبخاري الحنفي ٤/ ٣.
(٦) انظر: إرشاد الفحول، للشوكاني ٢/ ١٨٢ - ١٨٣، رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، ليعقوب الباحسين، ص ٢٧٧.
(٧) المهذب، لعبدالكريم النملة ٣/ ٩٨٢.
(٨) المستصفى، للغزالي، ص ١٧٣.
(٩) هو منصور بن محمد عبد الجبار، أبو المظفر، المعروف بابن السمعاني، من فقهاء الشافعية، ولد عام ٤٢٦ هـ، كان فقيهًا أصوليًا مفسرًا محدثًا متكلمًا، تفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، ومن مصنفاته: "تفسير القرآن"، و"القواطع في أصول الفقه"، توفي عام ٤٨٩ هـ. انظر: طبقات الشافعية، للسبكي ٥/ ٣٣٥، معجم المؤلفين، لعمر بن عبدالغني ١٣/ ٢٠.

<<  <   >  >>