للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الثالث: أن الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة عوض في إجارة، فجاز تأجيله، كما لو كان الإجارة على عين معينة (١).

نوقش: بـ"أنه قياس مع الفارق، فالإجارة في الأعيان تكون العين حاضرة، يتم استيفاء المنفعة منها حال سريان العقد، وهي أحد العوضين، فجاز تأخير العوض الثاني وهي الأجرة، وهذا بخلاف إجارة الذمة، فاستيفاء المنفعة فيها مؤجل" (٢).

يجاب: بعدم التسليم أن استيفاء المنفعة في العين الحاضرة يكون حال سريان العقد، بل يجوز تأجيل العوضين في إجارة العين الحاضرة وهما المنفعة والأجرة، فكما يجوز تأجيل العوضين في العين الحاضرة يجوز في الإجارة الموصوفة في الذمة، والأجرة مقابل المنفعة، يجوز تأجيلها حتى يستوفي المنفعة.

الترجيح: بعد عرض الأقوال، ودليل كل قول، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، تبين لي-والله أعلم- أن الراجح هو القول الثالث القائل بجواز تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة؛ وذلك لأن لبيع المنافع أحكامًا خاصة بها، وتسمى إجارة، ومنها جواز تأجيل البدلين، ولا تقاس على بيع الأعيان لاختلافها عنها.

[الفرع الثاني: أثر الهندسة المالية في الإجارة الموصوفة في الذمة]

على القول الراجح الذي يجيز الإجارة الموصوفة في الذمة فإن الهندسة المالية الإسلامية أنتجت الإجارة الموصوفة في الذمة لتحقق مصالح للمؤجر والمستأجر؛ فالمؤجر يضمن تأجير العين قبل وجودها، وحصوله على النقد عاجلًا أو مقسطًا قبل تسليم العين، وأن


(١) انظر: الكافي، لابن قدامة ٢/ ١٧٥، النكت، لابن مفلح ١/ ٢٧٣.
(٢) أحكام التمويل المصرفي، لآل فريان ١/ ٣٦٠.

<<  <   >  >>