للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: رفع الحرج والتيسير في الهندسة المالية الإسلامية]

من الأصول التي بنيت عليها الشريعة رفع الحرج عن المكلفين (١)، فالشارع لم يكلف عباده بالشاق ولم يعنتهم في التكليف (٢) {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} (٣)، وعند التأمل في القواعد الخمس الكبرى التي عليها مدار الفقه الإسلامي نجد أنها كلها تندرج تحت أصل رفع الحرج؛ فلا عمل دون نية، ولو لم يتم اعتبار هذه النية لوقع الناس في حرج، فإعمال قاعدة"الأمور بمقاصدها" يرفع ذلك الحرج، وفي إعمال قاعدة "اليقين لا يزول بالشك" ثبات لحياة الناس بثبات اليقين، ولو زال اليقين بالشك لما استقرت حياتهم، ولوقعوا في حرج؛ لعدم ثبات الشكوك، وكثرتها، وفي إعمال قاعدة: "العادة محكمة" مرجع يتحاكم الناس إليه في معاملاتهم، ولولا إعمالها لطالت خصوماتهم، ولوقعوا في الحرج، وفي إعمال قاعدة"المشقة تجلب التيسير" رفع لحرج المشقة غير المعتادة، وكذلك في إعمال قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" حماية لحياة الناس من الضرر الذي يوقعهم في الحرج، قال ابن العربي (٤): "ولو ذهبت إلى تعديد نعم الله في رفع الحرج لطال المرام" (٥)، فرفع الحرج"من أعظم مقاصد التشريع" (٦).


(١) انظر: الموافقات، للشاطبي ٣/ ١٩٢، حجة الله البالغة، للدهلوي ١/ ٣١٠.
(٢) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية ٢٢/ ٢٨٤.
(٣) سورة البقرة، الآية ٢٢٠.
(٤) هو محمد بن عبدالله، ابن العربي الأندلسي، الإشبيلي، المالكي، ولد سنة ٤٦٨ هـ، من مصنفاته: "عارضة الأحوذي في شرح جامع أبي عيسى الترمذي"، و"أحكام القرآن"، توفي سنة ٥٤٣ هـ. انظر: الديباج المذهب، لابن فرحون، ص ٢٨١. سير أعلام النبلاء، للذهبي ٢٠/ ١٩٨.
(٥) أحكام القرآن، لابن العربي ٣/ ٣٠٩.
(٦) تيسير علم أصول الفقه، لعبدالله الجديع، ص ٤٨.

<<  <   >  >>