للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع:

سد الذرائع وفتحها

"لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسبابٍ وطرقٍ تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها؛ فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها؛ فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود" (١)، وقد اهتم العلماء قديمًا وحديثًا بوصف الذرائع، وتوسعوا في الأخذ بها سدًا وفتحًا في معظم أبواب الفقه، بل اعتبرها ابن القيم أحد أرباع التكليف (٢).

وفي العصر الحديث كثرت المستجدات والنوازل خاصة في المعاملات المالية، ويتطلب هذا الأمر إبراز حكم الشرع في تلك القضايا بعد دراسة مآلاتها والطرق الموصلة إليها؛ لذلك أصبحت الحاجة إلى فقه الذرائع أكثر إلحاحًا (٣).

فالذرائع تعد من الأدوات المهمة التي تستخدم للوصول إلى عقود إسلامية تجمع بين المصداقية الشرعية، والكفاءة الاقتصادية، وتحقق هندسة مالية إسلامية للعقود، وفي هذا المبحث دراسة لها، وتبيين رأي العلماء فيها.

[المطلب الأول: تعريف الذرائع]

الذرائع في اللغة جمع ذريعة، وتطلق على الوسيلة (٤)، فـ"الذال والراء والعين أصل واحد يدل على امتداد وتحرك إلى قدم، ثم ترجع الفروع إلى هذا الأصل" (٥)، يقال: تذرع


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١٠٨.
(٢) المرجع السابق ٣/ ١٢٦.
(٣) انظر: المعاملات المالية المعاصرة وأثر نظرية الذرائع في تطبيقاتها، لأختر زيتي بنت عبدالعزيز، ص ٢٧.
(٤) انظر: الصحاح، للفارابي ٣/ ١٢١١.
(٥) معجم مقاييس اللغة، لابن فارس ٢/ ٣٥٠.

<<  <   >  >>