للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول:

المستندات الشرعية للهندسة المالية الإسلامية من السنة النبوية.

أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة النبوية وللناس تعاملاتهم الدنيوية المختلفة، وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- أن يدع أمور الدنيا للناس يديرون شؤونها، فعن رافع بن خديج -رضي الله عنه-، قال: "قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ: «مَا تَصْنَعُونَ؟» قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: «لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا» فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ، قَالَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ» "رواه مسلم (١)، قال النووي (٢): "قال العلماء قوله -صلى الله عليه وسلم- من رأيي أي في أمر الدنيا ومعايشها" (٣)، وفي رواية أخرى عند مسلم أيضا عن أنس -رضي الله عنه- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ» (٤)، ومن ضمن التعاملات الدنيوية التي كان يتعامل بها أهل المدينة المعاملات المالية، وقد أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس على معاملاتهم


(١) كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره -صلى الله عليه وسلم- من معايش الدنيا على سبيل الرأي، برقم ٢٣٦٢.
(٢) هو محيي الدين أبو زكريا يحي بن شرف بن مري النووي الدمشقي، ولد في نوى في سنة ٦٣١ هـ، شافعي المذهب، وله عدة تصانيف منها: "رياض الصالحين"، و"الأذكار"، و"روضة الطالبين وعمدة المفتين"، و"المنهاج في شرح صحيح مسلم"، و" المجموع شرح المهذب " وغيرها، توفي سنة ٦٧٦ هـ. انظر: طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي ٨/ ٣٩٥، طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة ٢/ ١٥٣.
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للنووي ١٥/ ١١٦.
(٤) كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره -صلى الله عليه وسلم- من معايش الدنيا على سبيل الرأي، برقم ٢٣٦٣.

<<  <   >  >>