للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: حكم الاستحسان]

اتفق الحنفية والمالكية والحنابلة على القول بالاستحسان (١)، وخالف في ذلك الشافعية فلم يقولوا به، ونُقل عن الشافعي: "أن من استحسن فقد شرع" (٢).

وعند التحقيق نجد أن إنكار الشافعية إنما كان على الاستحسان بمجرد الهوى والتشهي والتلذذ دون دليل؛ قال الشافعي: "إنما الاستحسان تلذُّذ" (٣). ونَقل الشيرازي عن الشافعي تعريف الاستحسان عند أبي حنيفة وهو: "ترك القياس لما استحسنه الإنسان


(١) انظر: أصول السرخسي ٢/ ٢٠١، الموافقات، للشاطبي ٥/ ١٩٤، روضة الناظر، لابن قدامة ١/ ٤٧٣.
(٢) تنقل أكثر كتب الأصول هذا القول عن الشافعي. انظر: المستصفى، للغزالي، ص ١٧١، الإحكام، للآمدي ٤/ ١٥٦، الفروق، للقرافي ٤/ ١٤٥. وقد قال الدكتور عجيل النشمي بعدما ذكر أنه استقرأ كتب الشافعي: "فنكاد نجزم أن الشافعي لم يقلها، ولو قالها لذكرت في مواضعها من مبحث الاستحسان" وذكر في الحاشية ان ابن السبكي سبقه لذلك، ونقل كلام ابن السبكي من حاشية ابن العطار، قال ابن العطار: "ولكن قال المصنف-أي ابن السبكي- في الأشباه والنظائر أنا لم أجد إلى الآن هذا في كلامه نصًا ولكن وجدت في الأم أن من قال بالاستحسان فقد قال قولا عظيمًا ووضع نفسه في رأيه واستحسانه على غير كتاب ولا سنة موضعها في أن يتبع رأيه"، وصحيح أن الشافعي لم يقلها بهذا اللفظ، لكنها معنى كلامه؛ ففي آخر الكلام الذي نقله السبكي عن الشافعي في الأم أن من استحسن وضع رأيه موضع الكتاب والسنة، قال الشافعي بعد هذا النقل: " … في أن يتبع رأيه كما اتبعا، وفي أن رأيه أصل ثالث أمر الناس باتباعه"، فما معنى أن المستحسن يجعل رأيه موضع الكتاب والسنة، ويريد أن يتبع رأيه كما اتبعا، وأن رأيه أصل ثالث إلا "أن من استحسن فقد شرع"!. انظر: الاستحسان، للنشمي، ص ١٢٩، حاشية العطار على جمع الجوامع ٢/ ٣٩٥، الأم، للشافعي ٦/ ٢١٦.
(٣) الرسالة، للشافعي، ص ٥٠٧.

<<  <   >  >>