للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمصطلح التلفيق، فلم يكن التلفيق معروفًا كمصطلح في القرون الأولى، فلا يوجد مصطلح التلفيق في كتب أئمة المذاهب ولا أصحابهم، إنما حدث في القرون المتأخرة (١)، ولا يبعد أن يكون حدوث البحث في التلفيق في القرن الخامس بسبب شدة التعصب والتحزب، ودخلول السياسة في التمذهب (٢).

هذا الكلام في العصور المتقدمة، أما في عصرنا فقد استحدث فيه الكثير من المعاملات، وتعقدت فيه كثير من أمور الحياة التي كانت بسيطة وسهلة في العصور الأولى، وخف التعصب للمذاهب، وقلَّ من يسير على مذهب واحد في كل شؤونه، وأصبحت الحاجة ملحة للاستفادة من التراث الفقهي الكبير بشتى مذاهبه، ومن طرق الاستفادة من هذا التراث الفقهي التلفيق بين أقوال الفقهاء وضم بعضها إلى بعض، فالتلفيق له أهمية في شتى الأبواب الفقهية، وتزداد أهميته في أبواب المعاملات المالية؛ لكثرة المستجدات والنوازل فيها، وحاجة كثير من هذه العقود إلى هندسة مالية إسلامية لا تتم إلا عن طريق التلفيق بين أقوال الفقهاء، وفي هذا المبحث تبيين لذلك.

[المطلب الأول: تعريف التلفيق]

التلفيق لغة: مصدر لَفَقَ يَلْفِقُ، وتدور مادته على معنى الضم، فلفق الثوب ضم أحد شقيه إلى الآخر بخياطة، ونحوها (٣).

واصطلاحًا: عُرف التلفيق بعدة تعريفات، منها: "الإتيان بكيفية لا يقول بها مجتهد" (٤).


(١) انظر: عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، للباني، ص ٩٤.
(٢) الفتوى في الإسلام، للقاسمي، ص ١٧٠.
(٣) انظر: لسان العرب، لابن منظور ١٠/ ٣٣٠، القاموس المحيط، للفيروز أبادي، ص ٩٢٢.
(٤) عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، للباني، ص ١٨٣.

<<  <   >  >>