للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد:

أهمية الاقتصاد الإسلامي ودوره في الحياة المعاصرة

أولت الشريعة الإسلامية الاقتصاد اهتمامًا بالغًا، وحثت على العمل والتكسب، والمشي في مناكب الأرض، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (١)، كما قرنت بين العاملين في النشاط الاقتصادي والمجاهدين في سبيل الله، قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢)، وبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن خير طعام يأكله المسلم ما كان نتيجة لسعيه، وحصيلة لعمل يده، ففي صحيح البخاري عن المقدام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» (٣)، ومن ترغيب الشريعة الإسلامية في العمل والكسب كافأت من يحيي الأرض الميتة بأن ملكته إياها، جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ» (٤).

وحفاظًا على الاقتصاد الإسلامي أحاطته الشريعة الإسلامية بقيم وأخلاق، فحرمت الاعتداء على أموال الآخرين، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» (٥)، ولم تجعل الاقتصاد


(١) سورة الملك، الآية ١٥.
(٢) سورة المزمل، الآية ٢٠.
(٣) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، برقم ٢٠٧٢.
(٤) رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب من أحيا أرضًا مواتًا، برقم ٢٣٣٥.
(٥) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، برقم ٢٥٦٤.

<<  <   >  >>