للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي وجدهم عليها، إلا ما اشتمل منها على ضرر، فكان موقفه منها إما التعديل (١)، أو الإلغاء (٢)؛ ليحافظ على مصالح الناس في معاشهم ومعادهم، ولتدوم روابط الأخوة والمحبة بين المسلمين، وليدفع عنهم أسباب العداوة والبغضاء، وليقوم الناس بالعدل"فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه، وعلى صدق رسوله -صلى الله عليه وسلم- أتم دلالة وأصدقها" (٣).

وإذا كان من ضمن الأنشطة التي تقوم بها الهندسة المالية الإسلامية تطوير المعاملات المالية وفقًا للشريعة الإسلامية (٤)؛ كي يحصل الناس على أكبر قدر من المصالح، ويُدرأ عنهم أكبر قدر من الأضرار والمفاسد التي يمكن حصولها، وتطوير المعاملات المالية عبارة


(١) مثل حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟»، قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَفْعَلْ، بِعْ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا». رواه البخاري، كتاب البيوع، باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه، برقم ٢٢٠١، ومسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب بيع الطعام مثلا بمثل، برقم ١٥٩٢.
(٢) مثل حديث أبي هريرة، قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ». رواه مسلم، كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر، برقم ١٥١٣.
(٣) إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١١.
(٤) انظر ص ٢٢ من هذا البحث.

<<  <   >  >>