للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: إن تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة لا يجوز إذا كان بلفظ السلم، ويجوز إذا كان بغير لفظ السلم. وهو وجه عند الشافعية (١)، ومذهب الحنابلة (٢).

القول الثالث: إن تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة يجوز مطلقًا. وهو وجه عند الحنابلة (٣).

دليل القول الأول: أن الإجارة الموصوفة في الذمة سلم في المنافع، فيشترط فيها تعجيل الأجرة كالسلم في الأعيان يشترط فيه تعجيل الثمن (٤).

يناقش: بالفرق بين بيع الأعيان وبيع المنافع؛ فالأول يشترط فيه تسليم أحد العوضين، أما المنافع فلا يشترط لها ذلك، ويجوز فيها تأجيل الأجرة والمنفعة في إجارة العين المعينة، والموصوفة في الذمة مثلها، فيجوز تأجيل الأجرة فيها إلى استيفاء المنفعة.

دليل القول الثاني: أن الإجارة الموصوفة في الذمة إذا كانت بلفظ السلم تأخذ حكم السلم في وجوب تعجيل الأجرة في مجلس العقد، فاللفظ له تأثير على الحكم (٥).

يناقش: بعدم التسليم؛ فبيع المنافع يسمى إجارة وله أحكامه الخاصة به، ولا يأخذ أحكام السلم وإن جرى بلفظه، كما أنه لو باع موصوفًا في الذمة بلفظ الإجارة لا تجري عليه أحكام الإجارة، بل أحكام السلم، فالعبرة في العقود بالمعاني، لا بالألفاظ والمباني.


(١) انظر: المهذب، للشيرازي ٢/ ٢٥٢، مغني المحتاج، للشربيني ٣/ ٤٤٣.
(٢) انظر: شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ٢٥٢، كشاف القناع، للبهوتي ٣/ ٥٦٤.
(٣) انظر: الكافي، لابن قدامة ٢/ ١٧٥، النكت، لابن مفلح ١/ ٢٧٣.
(٤) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد ٢/ ٢٣٦، جواهر العقود، للأسيوطي ١/ ٢٠٩.
(٥) انظر: شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ٢٥٢، مطالب أولي النهى، للرحيباني ٣/ ٦١٣.

<<  <   >  >>