للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} (١).

وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٢).

وجه الدلالة من الآيات: أن الآيات تدل على أن الله يريد أن ييسر ويسهل على عباده الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير؛ ليسهل سلوكها، ولهذا فإن جميع الأوامر لا تشق على المكلفين، وإذا حصل بعض المشاق والعجز خفف الشارع من الواجبات بحسب ما يناسب ذلك، فيدخل في هذا جميع التخفيفات، والرخص الشرعية (٣).

الدليل الثاني: الأحاديث النبوية الكثيرة الدالة على التيسير والتخفيف؛ كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» رواه البخاري (٤).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» رواه البخاري (٥).

وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا» متفق عليه (٦).

وجه الدلالة من الأحاديث: في هذه الأحاديث يبين النبي -صلى الله عليه وسلم- سماحة هذا الدين ويسره، وتبين عائشة رضي الله عنها أن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- اختيار الأيسر ما لم يكن إثمًا، والرخص الشرعية من السماحة والتيسير على عباد الله (٧)، بل في الأحاديث "الإشارة إلى الأخذ


(١) سورة النساء، الآية ٢٨.
(٢) سورة البقرة، الآية ٢٨٦.
(٣) انظر: تيسير اللطيف المنان، للسعدي، ص ٩٣ - ٩٤.
(٤) سبق تخريجه ص ٦٥.
(٥) سبق تخريجه ص ٦٥.
(٦) سبق تخريجه ص ٦٦.
(٧) انظر: فتح الباري، لابن رجب ٢/ ٢٨١.

<<  <   >  >>