للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السادس: أنه إذا"حرم الرب تعالى شيئًا وله طرق ووسائل تفضي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها؛ تحقيقًا لتحريمه، وتثبيتًا له، ومنعًا أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم، وإغراءً للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء" (١).

هذه بعض الأدلة على اعتبار الذرائع، وكلها في جانب سد الذرائع، والشريعة كما سدت ذرائع فتحت ذرائع أخرى، فقد عمدت إلى ذرائع المصالح ففتحتها بأن جعلت لها حكم الوجوب، وإن كانت ممنوعة، أو مباحة في الأصل، وهذا ما يلقب عند الأصوليين بما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (٢)؛ قال القرافي: "اعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها، وتكره وتندب وتباح، فإن الذريعة هي الوسيلة فكما أن وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحج" (٣). بل "قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة كالتوسل إلى فداء الأسارى بدفع المال للكفار" (٤)، والنظر إلى المخطوبة، وكلمة الحق عند سلطان جائر، ونحو ذلك (٥)، قال ابن القيم: "فالشريعة جاءت بإباحة هذا القسم، أو استحبابه، أو إيجابه، بحسب درجاته في المصلحة" (٦).


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١٠٩.
(٢) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور، ص ٣٦٩.
(٣) الفروق، للقرافي ٢/ ٣٣.
(٤) المرجع السابق.
(٥) انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١١٠.
(٦) المرجع السابق ٣/ ١١٠.

<<  <   >  >>