للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتهاد من قرون (١) - فلا يوجد فيها أهل الاجتهاد المطلق (٢).

السبب الثاني: أن أهل الاجتهاد "أرباب استدلال واستنباط، وليسوا أهل تقليد، واستسلام حتى يضطروا إلى التلفيق الذي استنبطه الخلف" (٣).

والصحيح أن أهل الاجتهاد موجودون في كل عصر، "أما دعوى إقفال باب الاجتهاد فهي قضية غير مسلمة، بل هي من مهملات الدعاوى التي لا تسمع، ولا يعتد بها؛ لأن من مقتضيات خاتمة الشرائع التي ختمت بصاحبها النبوات فتح باب الاجتهاد إلى قيام الساعة" (٤)، وأن المجتهد قد يلفق بين أراء العلماء عن طريق النظر، والاستدلال دون اضطرار، أو استسلام للتقليد.

ثانيًا: تقسيم التلفيق باعتبار القضية الفقهية الملفقة

ينقسم التلفيق باعتبار القضية الفقهية الملفقة ثلاثة أقسام:


(١) "إن تشديد أنصار التقليد في إقفال باب الاجتهاد، وحظره مطلقا، وإقامة الحواجز المنيعة دون تلمسه، ولو من بعض المنافذ في الجملة، وتعصبهم لأقوال فقهائهم ومتفقهتهم بدون إعمال روية ولا تدبر أدى إلى ضرر محسوس، وجر على المسلمين ما هو مشهود من الجمود والانحطاط والتقهقر. على أن هذا التشديد المفرط مخالف لدين الله تعالى، ويكفيه معرة ما نجم عنه من هجر الكتاب والسنة، وتعطيل الاستفادة منهما، وعدم التبصر بأنوار هديهما، سوى التعبد بتلاوة الكتاب، والتبرك برواية الحديث، فحال بين أنوار الشريعة الغراء وبين المدارك البشرية آراء رجال غير معصومين، ولا من السلف الصالحين المشهود لهم، فضعفت مدارك العقول، واستخذت النفوس لاعتيادها على التقليد والجمود"عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، للباني ص ١٥٠.
(٢) انظر: التلفيق وحكمه في الفقه الإسلامي، للسعيدي، ص ١٣.
(٣) عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، للباني، ص ٢٢٩.
(٤) المرجع السابق، ص ١٥١.

<<  <   >  >>