للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن يسر الشريعة المعتبر هو ما كان على وفق دلائل الشريعة وأصولها، وليس التلفيق طريقًا من طرق التيسير المعتد بها، وكما أن من مقاصد الشريعة التيسير، ورفع الحرج، فإن من مقاصدها أيضا حفظ الشريعة من أن ترد إلى الأهواء، وتقحم الجهلاء، فلا تضرب المقاصد بالمقاصد (١).

الدليل الرابع: أن منع التلفيق يؤدي إلى إفساد لكثير من عبادات العامة؛ إذ لا تكاد تجد عاميًا يفعل عبادة موافقة لمذهب معين (٢).

يناقش: بأننا نفرق بين التلفيق قبل الفعل وبعده، فنحن نمنع العامة من التلفيق ابتداءً، ونلزمهم بأن يسألوا أهل العلم ويتقيدوا بالرأي الذي أخذوه، ومن جاءنا منهم بعد الفعل وقد لفق في عبادته بين آراء العلماء المعتبرة فلا نفسدها؛ تيسيرًا عليه، ورفعًا للحرج (٣).


(١) انظر: التلفيق بين المذاهب الفقهية، للعتيبي ص ٣١، التلفيق وحكمه في الفقه الإسلامي، للسعيدي ص ٤٢.
(٢) انظر: عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، للباني ١٩٢، أصول الفقه الإسلامي، لوهبة الزحيلي ٢/ ٤٢٦.
(٣) جاء في حاشية ابن عابدين: "أن له التقليد بعد العمل كما إذا صلى ظانًا صحتها على مذهبه ثم تبين بطلانها في مذهبه وصحتها على مذهب غيره فله تقليده، ويجتزي بتلك الصلاة"، وقال ابن عثيمين: "وكذلك إذا كان الأمر قد وقع وكان في إفتائه بأحد القولين مشقة وأفتى بالقول الثاني فلا حرج … وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي- رحمه الله- يفعل ذلك أحيانًا ويقول لي: هناك فرق بين من فعل ومن سيفعل، وبين ما وقع وما لم يقع". انظر: حاشية ابن عابدين ١/ ٧٥، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ٢٦/ ٤٠١.

<<  <   >  >>