للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: أن بيع التورق محرم. وهو رواية عند الحنابلة (١)، اختارها ابن تيمية في أشهر قوليه (٢)، واختارها ابن القيم (٣).

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٤).

وجه الدلالة من الآية: دلت الآية على أن الأصل في البيع الإباحة، إلا ما قام الدليل على منعه، والتورق داخل في عموم البيع، ولم يقم دليل على منعه (٥).

نوقش: بأن الأصل في المعاملات الحل، يقابله أن الأصل في الحيل التحريم، وهو أخص من الأصل الأول، والخاص مقدم على العام، ولا نزاع في أن التورق حيلة للحصول على النقد، فهو محرم حتى يثبت الدليل على خلاف ذلك (٦).

أجيب: بأن الحيل المحرمة هي الموصلة للمحظور، أما الحيل للفرار من المحظور، والحصول على المباح فليست محرمة، كما في حديث «بِعْ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» (٧)، والحصول على النقد لا يعد محظورًا؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد الرجل أن يبيع التمر


(١) انظر: الإنصاف، للمرداوي ٤/ ٣٣٧، المستدرك على مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٤/ ٩.
(٢) انظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٥/ ٣٩٢، الاختيارات الفقهية، للبعلي، ص ١٩٠، إعلام الموقعين لابن القيم ٣/ ١٣٥، الفروع، لابن مفلح ٦/ ٣١٦.
(٣) انظر: إعلام الموقعين لابن القيم ٣/ ١٣٥، ١٥٧.
(٤) سورة البقرة، الآية ٢٧٥.
(٥) انظر: مجموع فتاوى ابن باز ١٩/ ٩٦.
(٦) انظر: قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي، لسامي السويلم، ص ٣٧٧.
(٧) سبق تخريجه ص ٣٩.

<<  <   >  >>