للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تيمية (١)،

واختاره ابن القيم (٢)، وجمهور المعاصرين (٣).


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٣٠٢ - ٣٠٣، جامع المسائل، لابن تيمية ١/ ٢٢٣ - ٢٢٦. وقد نسب الدبيان إلى ابن تيمية القول بالتحريم، فقال بعد ذكر قول التحريم: "وهو ظاهر قول ابن تيمية … وعلل ابن تيمية التحريم بأن اشتراط الربح قبل شراء البضاعة يجعل المقصود دراهم بدراهم" المعاملات المالية، للدبيان ١٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨، وأحال في الحاشية إلى جامع المسائل ١/ ٢٢٦، وبالرجوع إلى جامع المسائل تبين لي-والله أعلم- أن ابن تيمية يتكلم عن التورق، وليس عن هذه المسألة، فقد كان السؤال الموجه إلى ابن تيمية: "عن رجلٍ احتاج إلى مئة درهم، فجاء إلى رجلٍ فطلبَ منه دراهم، فقال الرجل: ما عندي إلا قماش، فهل يجوز له أن يبيعه قماش مئةِ درهم بمئة وخمسين إلى أجلٍ؟ أو يشتري له قماشًا من غيره، ثمّ يبيعه إياه بفائدة إلى أجل؟ وهل يجوز اشتراط الفائدة قبل أن يشتري له البضاعة؟ " ثم أجاب ابن تيمية عن السؤال بذكر رأيه في تحريم التورق ثم قال في آخر الجواب: "وأما اشتراط الربح قبل أن يشتري البضاعة في مثل هذا، فلأن مقصودهما دراهم بدراهم إلى أجل. وأما إذا كان المشتري يشتري السلعة لينتفع بها أو يتّجر فيها، لا ليبيعها في الحال ويأخذ ثمنها، فهذا جائز، والربح عليه إن كان مضطرًا إليها يكون بالمعروف". فالتعليل الذي ذكره الدبيان لابن تيمية ذكر فيه ابن تيمية جملة (في مثل هذا) أي شراء السلعة لقصد المال، إضافة إلى أن في تتمة الكلام تبيين لرأي ابن تيمية فيما إذا كان قصده الانتفاع والاتجار فقد ذكر ابن تيمية أن حكمه الجواز، ولم يذكر أن ذلك محرم إذا كانت من عند غير البائع، مع أن السؤال نص على ذلك؛ فالمحرم عند ابن تيمية هو شراء السلعة لقصد المال، سواء كانت من عند البائع أو من غيره، وقد سئل ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "عن الرجل عليه دين ويحتاج إلى بضاعة أو حيوان لينتفع به أو يتجر فيه فيطلبه من إنسان دينا فلم يكن عنده. هل للمطلوب منه أن يشتريه ثم يدينه منه إلى أجل؟ وهل له أن يوكله في شرائه ثم يبيعه بعد ذلك بربح اتفقا عليه قبل الشراء؟ " فأجاب: " من كان عليه دين فإن كان موسرا وجب عليه أن يوفيه وإن كان معسرا وجب إنظاره ولا يجوز قلبه عليه بمعاملة ولا غيرها. وأما البيع إلى أجل ابتداء فإن كان قصد المشتري الانتفاع بالسلعة والتجارة فيها جاز إذا كان على الوجه المباح. وأما إن كان مقصوده الدراهم فيشتري بمائة مؤجلة ويبيعها في السوق بسبعين حالة فهذا مذموم منهي عنه في أظهر قولي العلماء. وهذا يسمى التورق"٢٩/ ٣٠٢ - ٣٠٣. وفي هذا الجواب لم يذكر ابن تيمية أن الاتفاق بين البائع والمشتري على أن يشتري البائع السلعة ثم يبيعها إليه بربح إلى أجل أنه محرم، إنما المنهي عنه عند ابن تيمية أن يكون المقصود هو الدراهم، وهو المعروف بمسألة التورق، ولو كان الاتفاق بين البائع والمشتري على أن يشتري السلعة ثم يبيعها له بربح معين محرمًا لذكر ابن تيمية أنه محرم سواء اشترى السلعة للانتفاع أو للاتجار بها، أو لقصد المال، فالذي ظهر لي أن ابن تيمية يرى جواز أن يتفق البائع مع المشتري على أن يشتري البائع السلعة ثم يبيعها إليه بربح إلى أجل إذا لم يكن مقصوده من السلعة المال.
(٢) انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم ٤/ ٢٣. لم أجد نصًا في الكتب المعتمدة في المذهب الحنبلي عن حكم هذه المسألة، وقد ذكر بعض الباحثين أن هذا القول مذهب الحنابلة، وأحال إلى إعلام الموقعين لابن القيم، مع أن المعروف أن رأي ابن القيم -على أهميته- لا يعد مذهبًا للحنابلة. انظر: بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية، لمحمد الأشقر، منشور ضمن بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، لمحمد الأشقر وآخرين ١/ ١٠٣، الخدمات الاستثمارية في المصارف، للشبيلي ٢/ ٣٩٦، الشروط التعويضية/ لعياد العنزي ٢/ ٥٢٧.
(٣) انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي، بشأن الوفاء بالوعد والمرابحة للآمر بالشراء، العدد الخامس، برقم ٤٠ - ٤١/ ٢، ٣، توصيات المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت، ١٤٠٣ هـ، قرار مجمع الفقه الإسلامي بالهند بشأن المرابحة، ١٤١٠ هـ، المعايير الشرعية للمؤسسات الإسلامية، ص ٩٢، فتاوى اللجنة الدائمة ١٣/ ٢٣٧، مجموع فتاوى ابن باز ١٩/ ٦٨.

<<  <   >  >>