للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: أن بيع المرابحة يتفق مع قول العلماء الذين يرون الإلزام بالوعد مطلقًا (١)، أو على رأي المالكية الذين يرون الإلزام بالوعد إذا دخل الموعود بسببه في شيء (٢)؛ فالمأمور اشترى السلعة ودخل في هذه المخاطرة لأجل الواعد، وحتى على رأي من يرى الإلزام بالوعد ديانة من العلماء (٣)، فإنا يمكننا أن نلزم به قضاءً إذا اقتضت المصلحة ذلك، وقد اقتضت المصلحة في بيع المرابحة الإلزام بالوعد (٤).

نوقش من وجوه: الوجه الأول: بأن المقصود بالإلزام بالوعد عند العلماء المتقدمين هو الوعد بالمعروف، أما الوعد في المعاوضة فلم يكن مقصودهم؛ لأنه يصير حينئذ عقداً (٥).

يجاب: بأنه لا يسلم أن الإلزام بالوعد عند العلماء المتقدمين إنما كان في المعروف فقط، بل جاء عن بعض المتقدمين الإلزام بالوعد في عقود المعاوضات، لكن لم يرد عنهم الإلزام من الطرفين، فقد جاء في فتاوى قاضي خان (٦): " وإن ذكر البيع من غير شرط ثم ذكر الشرط على وجه المواعدة جاز البيع ويلزمه الوفاء بالوعد؛ لأن المواعدة قد تكون لازمة فتجعل لازمة لحاجة الناس" (٧). وقال الحطاب: " قال في معين الحكام: ويجوز للمشتري أن يتطوع للبائع بعد العقد بأنه إن جاء بالثمن إلى أجل كذا، فالمبيع له، ويلزم المشتري متى


(١) انظر: المحلى، لابن حزم ٦/ ٢٧٨، الفروع، لابن مفلح ١١/ ٢٩.
(٢) انظر: الفروق، للقرافي ٤/ ٢٥، فتح العلي المالك، لعليش، ص ٢٥٤ - ٢٥٦.
(٣) انظر: الأذكار، للنووي، ص ٣١٧، أضواء البيان، للشنقيطي ٣/ ٤٣٨ - ٤٣٩.
(٤) انظر: قرار مؤتمر المصرف الإسلامي الأول المنعقد بدبي في ١٣٩٩ هـ.
(٥) انظر: بيع التقسيط وأحكامه، للتركي، ص ٤٦٥.
(٦) هو حسن بن منصور بن محمود الأوزجندي المشهور بقاضيخان، من كبار فقهاء الحنفية في المشرق، من تصانيفه: "الفتاوى"، و" شرح الجامع الصغير"، توفي عام ٥٩٢ هـ. انظر: الجواهر المضية، للقرشي ١/ ٢٠٥، الأعلام، للزركلي ٢/ ٢٢٤.
(٧) فتاوى قاضي خان ٢/ ٨١. وانظر: الفتاوى الهندية ٣/ ٢٠٩.

<<  <   >  >>