للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش من وجوه: الوجه الأول: أن الهبة في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك إنما هي مقابل العوض، وليست هي من عقود التبرع، فالمؤجر يهب العين مقابل العوض الذي يدفعه المستأجر، فهي هبة ثواب، وحكمها حكم البيع (١).

يجاب: بأنه لا يسلم بأن الهبة مقابل للعوض الذي يدفعه المستأجر، فالعوض في مقابل منفعة العين المستأجرة، سواء كانت الأجرة كأجرة المثل كما اختاره بعض الباحثين (٢)، أو كانت الأجرة أكثر، فهما تعاقدا على هذه الأجرة برضاهما، ولهما الحرية في الاتفاق على الأجرة التي يريدان، والهبة في مقابل التزام المستأجر بسداد ما عليه، فهي ليست من هبة الثواب.

الوجه الثاني: أن اشتراط البيع في عقد الإجارة فيه جمع بين عقدين متناقضين في عقد واحد، وفيه غرر؛ لأن العين بعد تمام مدة الإجارة لا بد أن تتغير صفتها، خاصة وأن مدة الإجارة طويلة في الغالب، بل قد تتلف العين، فيكون عقد البيع قد وقع على مبيع مجهول الصفة، وفي ربط ثمن العين بالقيمة السوقية سيكون الثمن مجهولًا أيضًا بعد تمام المدة، فالثمن والمثمن مجهولان (٣).

يجاب: بأن المنهي عنه في الجمع بين العقدين إذا كانا متناقضين وتترتب أحكامهما على العين في وقت واحد، أما إذا كان وقتهما مختلفًا فأحكام


(١) انظر: العقود المالية المركبة، للعمراني، ص ٢١١. قال ابن قدامة: "فإن شرط في الهبة ثوابا معلوما، صح. نص عليه أحمد؛ لأنه تمليك بعوض معلوم، فهو كالبيع، وحكمها حكم البيع" المغني، لابن قدامة ٦/ ٦٧.
(٢) انظر: الإجارة المنتهية بالتمليك، لخالد الحافي، ص ١٤٢ - ١٤٤.
(٣) انظر: تعقيب الضرير على بحوث الإجارة المنتهية بالتمليك في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني، ص ٤٣٤.

<<  <   >  >>