للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفرض الله الصيام، وفي ختام الآية قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (١)، إلى جانب الكثير من الآيات التي يثبت بمجموعها على دليل الاستقراء أن الشريعة مبنية على تحقيق مصالح العباد، آتية بإسعادهم في حياتهم الدنيا، وحياتهم الأخرى (٢).

الدليل الثالث: أن المجتهدين من الصحابة -رضي الله عنهم- عملوا أمورًا لمجرد تحقق المصلحة، دون تقدم شاهد بالاعتبار، من ذلك قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي بكر -رضي الله عنه- لما اقترح عليه جمع القرآن: "هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ" (٣)، وكذلك قال أبو بكر -رضي الله عنه- لزيد عندما أمره بجمع القرآن: "هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ" (٤)، وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما أمر بتضمين الصناع: "لَا يَصْلُحُ لِلنَّاسِ إِلَّا ذَاكَ" (٥)، وغيرها كثير (٦)، فتبين من ذلك أن المتقرر عندهم -رضي الله عنهم- بناء الشريعة على المصلحة، وأنه متى وجدت المصلحة فثم شرع الله، ودينه (٧).

الدليل الرابع: أن من قواعد الشريعة الكبرى، قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار" (٨)، المستندة إلى الحديث الذي رواه ابن ماجه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله


(١) سورة البقرة، الآية ١٨٣،
(٢) انظر: الموافقات، للشاطبي ٢/ ١٢ - ١٣، ضوابط المصلحة، للبوطي، ص ٨٩.
(٣) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، برقم ٤٦٧٩.
(٤) المرجع السابق.
(٥) سبق تخريجه ص ٥٢.
(٦) انظر: شرح تنقيح الفصول، للقرافي، ص ٤٤٦، شرح مختصر الروضة، للطوفي ٣/ ٢١٣.
(٧) انظر: الطرق الحكمية، لابن القيم ١/ ٣١.
(٨) انظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص ٧، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، ص ٧٢.

<<  <   >  >>